زكية فراجي
لقد غدا الإبداع المؤسسي من أهم مقومات التنمية والتطوير للمؤسسات الخيرية (مؤسسة الوقف والزكاة)، حيث أن للإبداع المؤسسي دور هام في بقاء المؤسسة وتطورها فالمنظمة التي لا تسعى الى الابداع في عملها والتي لا تسعى الى التطور يكون مصيرها الاضمحلال ومن ثم الزوال، فالإبداع المؤسسي يساعد المؤسسات على التكيف مع التغييرات المتعددة وبالتالي مواجهة التحديات بجميع أنواعها.
وإذا كانت المنظمات بجميع أنواعها بحاجة الى الإبداع، فإن المؤسسات الخيرية وبشكل خاص أكثر حاجة الى الابداع المؤسسي، لما تواجهه من تحديات سياسية وقانونية واقتصادية تتسارع بشكل هائل ومتلاحق، حيث يعد الإبداع المؤسسي في مثل هذه المنظمات من أهم العناصر الرئيسية القادرة على إحداث التطوير والتنمية في هذه المنظمات.
يهدف هذا البحث الى التعرف على دور الإبداع المؤسسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تمثلت مشكلة البحث في السؤال التالي “هل للإبداع المؤسسي دور في التنمية في المؤسسات الخيرية بحيث ينعكس على تطورها اقتصاديا وبالتالي تحقيقها للتنمية؟”
حيث إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم يجد بعدا عن الأعمال الخيرية، حيث تجتمع الطاقات وتحتشد الجهود، ويستفيد كل واحد من الآخر، وسبب ذلك عدم ترسخ مفهوم العمل المؤسسي الجماعي، الذي يقوم على الجهد المشترك لإخراج أعمال لا يستطيع الفرد القيام بها، وإن فعل فسيكون إنتاجه ضعيفا ً.
ولم يعد اليوم مجالٌ للنزاع، على أن العمل المؤسسي خير وأولى من العمل الفردي الذي لا يزال مرضاً من أمراض التخلف الحضاري في مجتمعات المسلمين، مع أنها قد توجد عناصر منتجة في المستوى الفردي أكثر مما تجدها حتى عند أولئك الذين يجيدون العمل الجماعي، وربما وجدت الكثير من الأعمال التي تصنف بأنها ناجحة، وروادها أفراد.
ونحن بحاجة إلى تحقيق التوازن، بين الروح الفردية، والروح الجماعية، عن طريق التربية المتوازنة، وأيضاً لا تنمي فيهم الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناسب لتنمية شخصياتهم، مع اختيار أساليب العمل، التي تحول دون التسلط وتنمية المبادرة الذاتية، وترسيخ مبدأ الشورى.
إن الفرد هو العنصر الأساسي في بناء المجتمع، لكن بشرط قيامه بدوره الأكمل وهو تعاونه مع بقية أفراد المجتمع، والأمة بتعاون أفرادها هي أمة الريادة؛ لأن تعاونهم يضيف كل فرد إلى الآخر، إضافة كيفية وكمية، فمن ثم تتوحد الأفكار والممارسات من أجل تحقيق رسالة الأمة.