تزايد انعدام الأمن الغذائي في اليمن في ظل انكماش الاقتصاد

تقرير الأوتشا

تسبب استمرار انخفاض قيمة الريال اليمني وارتفاع الأسعار في تفاقم حالة الجوع في اليمن التي يواجه فيها نحو 16.2 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي هذا العام. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 60 في المائة تقريبًا في بعض مناطق اليمن منذ بداية هذا العام جراء انهيار الريال اليمني وتضاعف استهلاك الغذاء غير الكافي بالفعل – بحسب مقياس الجوع الذي يقوم برنامج الأغذية العالمي على تتبعه. في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، حيث أصبح الغذاء باهظ التكاليف، انهارت قيمة الريال بنحو 40 في المائة مقابل الدولار الأمريكي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021 ، متجاوزًا 1,000 ريال يمني للدولار الأمريكي لأول مرة على الإطلاق في شهر يوليو. حتى نهاية سبتمبر، تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز ال 1,200 ريال يمني. في المناطق الواقعة جنوب اليمن، تجاوز استهلاك الغذاء غير الكافي حاليًا نسبة ال 45 في المائة. أما شمال البلد، حافظت الرقابة الاقتصادية الشديدة التي فرضتها سلطات الأمر الواقع على استقرار قيمة العملة نسبيًا، بنحو 37 في المائة.

أدى انخفاض قيمة الريال إلى صعوبة حصول الأشخاص العاديين في اليمن على المواد الغذائية الأساسية، من الصعب توقع الاحتمالات القادمة نظرًا لاختلالات قدرة تشغيل الأسواق بسبب الصراع لأكثر من سبع سنوات، ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص، والآثار المترتبة من تفشي جائحة كوفيد- 19 . وفاقم هذه الأوضاع ارتفاع تكلفة النقل نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والآثار المترتبة من ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا على البلد الذي يستورد نحو 90 في المائة من الغذاء والسلع الأساسية الأخرى. وصلت تكلفة الحد الأدنى للسلة الغذائية على المستوى الوطني – مؤشرًا لتكلفة المعيشة – إلى 62,607 في أغسطس 2021 ، أعلى بنحو 36 في المائة مما كان عليه الوضع بداية هذا العام وحوالي أربعة أضعاف التكلفة في شهر يناير 2015 . في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، حدثت زيادة كبيرة في سعر الصرف، مع حلول أغسطس 2021 ، بلغت تكلفة الحد الأدنى للسلة الغذائية 78,136 ريال يمني، أعلى بنسبة 45 في المائة من تكلفتها في يناير 2021 وأعلى ب 4.5 مرات من تكلفتها في يناير 2015 .

مع ثبات فرص الحصول على الدخل وسبل العيش، يتعين على الناس العمل لساعات إضافية لكي يحصلوا على القيمة الكاملة للحد الأدنى من السلة الغذائية الشهرية. الناس في لحج هم الأشد تضررًا، ينبغي عليهم العمل 17 يومًا لتوفير الحد الأدنى من التكلفة المعيشية للأسرة شهريًا في 2021 ، مقارنة بثمانية أيام لكل شهر في السنة الماضية. وفي محاولة للتخفيف من هذه المعاناة، عمل شركاء العمل الإنساني لدى مجموعة الأمن الغذائي على مواءمة مبلغ الحوالات النقدية مع أسعار السوق لتيسير قدرة الأسر على تحمل أسعار المواد الغذائية المرتفعة. وعلى الرغم من ذلك، يظل من المستحيل مواكبة هذه الزيادات السريعة في الأسعار في ظل التقلبات اليومية في أسعار الصرف.

يمكن ملاحظة أثر ذلك في تدهور مجموعة نقاط الاستهلاك الغذائي في أنحاء اليمن. عمل برنامج الأغذية العالمي على تطوير مؤشر بديل لحساب توافر السعرات الحرارية للأسرة، تجمع مجموعة نقاط الاستهلاك الغذائي البيانات على مستوى الأسرة حول تنوع وتكرار مجموعات الأغذية المستهلكة، ويتم ترجيحها وفقًا للقيمة الغذائية النسبية لمجموعات الأغذية المستهلكة. يعاني 40 في المائة من السكان على الأقل في 12 محافظة من محافظات اليمن ال 22 من الاستهلاك غير الكافي للأغذية، من بينها خمس محافظات يتكبد خُمس سكانها على الأقل من الاستهلاك الغذائي الضعيف بصورة كبيرة – الضالع والجوف وعمران ولحج وريمة. في الربع الثالث من عام 2021 ، بينما من المتوقع تعديل مستويات الأمن الغذائي في محافظة الجوف من الحد الأعلى من المخاطر إلى حالة الإنذار، من المتوقع أن يتدهور الوضع في أربع محافظات من الحد الأدنى من المخاطر إلى حالة الإنذار )البيضاء وحضرموت والمهرة وسقطرى(. أصبح الوضع قاسٍ جدًا في بعض المناطق لدرجة لجوء بعض الأسر إلى تناول ورق الأشجار لسد جوعها، كما تم توضيح ذلك في مقال حديث أصدره برنامج الأغذية العالمي.

استطاع شركاء العمل الإنساني لدى مجموعة قطاع الأمن الغذائي من زيادة مساعداتهم المنقذة للأرواح في اليمن بفضل مساهمة سخية من المانحين هذا العام بلغت 1.2 مليار دولار أمريكي، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مبلغ إضافي، 797 مليون دولار أمريكي، لتجنب خسارة نحو 4.8 ملايين شخص المساعدات الإنسانية من أكتوبر فصاعدًا. والأهم من ذلك، لا بد من تكملة المساعدات الغذائية بحلول مستدامة على المدى الطويل لأن شدة الاحتياجات ستستمر بالارتفاع إذا لم يتمكن الشخص العادي من توفير الغذاء أو الحصول عليه. إلى جانب التمويل الإضافي المطلوب لتقديم المساعدات الغذائية، هناك حاجة إلى دعم الاقتصاد اليمني بصورة كبيرة، بما في ذلك ضخ العملة الأجنبية، والحفاظ على استيراد السلع الأساسية ومنع حدوث المزيد من الانخفاض في قيمة الريال اليمني، وبذلك سيتمكن الأشخاص من الحصول على التغذية التي يحتاجونها والاكتفاء ذاتيًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *