إبراهيم بن سليمان الحيدري
إذا كنت من العاملين في القطاع الخيري أو الطوعي، فإن بعض المفاهيم الإدارية ينبغي ألا تفوت عليك، فمع أن إدارة المنظمات الخيرية تشترك من ناحية النظرية والتطبيق مع الإدارة التقليدية في كثير من الجوانب إلا أن خصوصية المنظمات الخيرية تعظّم من بعض المفاهيم والتطبيقيات الإدارية.
هذا المقال يحاول على قلة كلماته أن يسلط الضوء على بعض الممارسات الخاطئة في الإدارة الخيرية تمشيا مع قول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه — ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
أولى هذه الممارسة الخاطئة في إدارة المنظمات الخيرية هو العمل دون شفافية. فالمنظمة الخيرية ينبغي أن تكون جسما شفافا يسهل حصول المجتمع على معلومات حول أهدافها وأنشطتها ومعاملاتها المالية لسبب بسيط وهو أن العلاقة التي تربطها بالمجتمع ولدت لها التزاما أخلاقيا أمام الجهات الداعمة التي منحتها الثقة والمال، وأمام الجهات الرقابية التي سمحت لها بالعمل، وفق ضوابط معينة. إن نقاء رسالات المنظمات الخيرية ينبغي ألا تحجبها ثقافة متمكنة تثير الشبهة والارتياب.
ثاني هذه الممارسات الخاطئة هو خلو المنظمة الخيرية من المتطوعين أو ندرتهم فيها. والمنتظر من المنظمة الخيرية أن تكون صوت المجتمع، الذي تعمل فيه موفرة لأفراده فرصاً متنوعة لكي يوظفوا طاقاتهم ويستثمروا مهاراتهم ويعبروا عن قيمهم في عمل تطوعي منظم. إن روح التطوع بأشكاله المالي والوقتي والمهاري ينبغي أن تكون سمة تميز المنظمة الخيرية عن سواها. وسيكون مستهجنا جداً أن تتشبع المنظمة الخيرية بموظفين يعملون بمقابل مالي كما تتشبع بها منظمات القطاع الحكومي والتجاري.
ثالث هذه الممارسات الإدارية الخاطئة هي أن تغفل المنظمة الخيرية مصالح المحتاجين من خدماتها، وأن تقدم أولويات القائمين على المنظمة أو أولويات الداعمين على حساب الحاجات الفعلية للمستفيدين. ينبغي أن يدرك العاملون في المجال الخيري أن أبرز أدوار المنظمة الخيرية إن لم يكن أهمها هو تمثيل المحتاجين أمام شرائح المجتمع الأخرى من داعمين ومشرعين وإعلام. ومن غير اللائق أن تتوانى المنظمة الخيرية في بذل الجهد للتعرف على حاجات المستفيدين منها أو ألا تجعل هذه الحاجات من أبرز أولوياتها.
رابع هذه الأخطاء هي القيادة الفردية. ومع أن الفردية ظاهرة مرضية في النمط القيادي بشكل عام إلا أن طبيعة عمل المنظمات الخيرية قائمة أصلاً على المشاركة الجماعية، ما يجعل احتكار السلطة بيد أفراد محددين تتمركز حولهم الصلاحيات أمرا غير مستساغ.
أما آخر الأخطاء الإدارية فهو الارتجالية، حيث لا تعتمد المنظمة الخيرية على خطط مدروسة في أعمالها وتصرفاتها. ومن جسيم الأخطاء أن تكون أعمال المنظمة مبعثرة لا تصب في تحقيق هدف طموح أو برامج متفرقة لا تنتج ثمرة في نهاية المطاف. إن التخطيط بما يحتويه من رسم للرؤية والرسالة والأهداف أثبت أنه وسيلة ناجحة لتوحيد موارد المنظمة وجهود العاملين والمتطوعين وتعظيم أثرها في الوصول إلى غاية أكثر وضوحا وأبلغ أثراً.