خلق الله سبحانه وتعالى الكون، والأرض والبشر وكافة المخلوقات، وجعل كل شيء مسخر لراحة الإنسان ولخدمته، وهيأ له سبل كثيرة لإعمار الأرض، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن خلق آدم عليه السلام أباً لكافة البشر، ولم يميز بين إنسان وآخر، فالبشر جميعهم أبناء آدم، وأصلهم من التراب وإليه، وبذلك يشترك جميع البشر بأنّهم أخوةٌ في الإنسانية، ولا يفضل إنسان على آخر في شيء إلا بتقوى الله تعالى.
تعتبر أهمية الأعمال الخيرية، بأنها لا تميز بين أي أحد من البشر، بل إنها من المفترض أن تكون لجميع فئات الناس، وإمداد يد العون لهم لتساعد كل فقير ومحتاج، كما أن الأعمال الخيرية لا تعترف بالتفرقة في الدين، والوطن، والعرق، ولا تفرّق بين الناس في جنسهم، أو لونهم، أو شكلهم، بل إنها تجمل حياة الناس، وتجعل التراحم والمحبة أساس التعامل بين الناس، فالعمل الخيري شيء نابع من الأعماق، يأتي بالفطرة حسب كل شخص.
تتنوع الأعمال الخيرية حيث أصبح في العصر الحيث العديد من المنظمات العالمية والإقليمية التي تختص بهذا الشأن، وأصبح العمل الخيري منظماً، يتم على مستوى جميع الدول والمجتمعات، ولايقتصر فقط على مستوى الأفراد، مما أضاف لها الكثير من الهيبة والجدية، ومن أهم الأعمال الخيرية التي أنقذت أرواح ملايين البشر، الوقوف مع الأشخاص الذين يعانون من كثرة الحروب والكوارث الطبيعية، وإمداد يد العون لهم، وتقديم الطعام، وتوفير الشراب، والمسكن، والملبس لهم، وكذلك الاهتمام بتعليم كل الأطفال الأيتام، وإنشاء المدارس والجامعات، ومبادرات محو الأمية في الدول الفقيرة، خصوصا في الكثير من الدول الإفريقية التي عانت من المجاعات، والحروب الأهلية، والجفاف.
تتميز الأعمال الخيرية بأنها تحدث تغييرا بارزا في المجتمعات، فهي تجمل الواقع، وتجعل العالم مكانا أجمل للعيش، وتقلل الفجوة والمسافة بين الغني والفقير من حيث الطبقات الإجتماعية، مما يخلق جواً من البهجة والفرح بين الناس، ويقلل الحقد الطبقي والكراهية، وهذا كله ينعكس بطريقة إيجابية على نفسية الإنسان الداخلية، ويخلق قدوة حسنةً تقتدي بها الأجيال القادمة.
مفهــــوم العمـــــل الخيــــــري:
العمل الخيرى هو نشاط خيري يقوم به بعض الأفراد أو الجمعيات الخيرية بهدف تقديم سلع ما أو خدمات أو غير ذلك مما يحتاج إليه الناس في حيلتهم اليومية، وهذا العمل النبيل يكون بدون مقابل كونه عمل لا يهدف لجني ربح أو عائد أو مصلحة شخصية من وراءه، وهذا أهم ما تميز به العمل الخيرى عن غيره من الأعمال الأخرى ذات الصفة التجارية الربحية البحتة. وتتنوع هذه الأعمال إلى أنواع كثيرة من تقديم للغزاء لذوى الحاجة أو المحتاجين إلى الرعاية الصحية لبعض المرضى ممن لا يملكون المال لدفع نفقة العلاج على نفقتهم الخاصة وأيضا مشاريع كفالة الأيتام تعد مثالا عظيما للأعمال الخيرية· وقد تتوسع الأعمال الخيرية في مساعدة الطلاب من أبناء الفقراء في الاستمرار في دراستهم من خلال تيسير وتوفير السبل والوسائل اللازمة لاستكمال الدراسة·
أهمية العمل الخيري في تنمية الموارد
توجد علاقة قوية بين العمل الخيري وتنمية المجتمع ونجاحه، حيث تبين معظم الوقائع التاريخية إلى أن التنمية ناتجة عن مجهودات الإنسان حيث أنه العنصر الأساسي للتنمية، لذلك فإن الهدف الأهم للتنمية هو الارتقاء بحياة الإنسان في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية، ومن الأساسيات الهامة أن التنمية تقوم على أساس الجهد البشرى الذي يستلزم وجود الإنسان القادر على المشاركة، بالإضافة إلى خطط محددة وواضحة.
الإستفادة من الموارد البشرية:
حيث يمثِّل العمل الخيري دورا إيجابيا هاما في إتاحة الفرصة لجميع أفراد المجتمع للمشاركة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة في كل زمان ومكان، ويساعد العمل الخيري على تنمية الشعور الداخلي بالمسؤولية تجاه ذوي الحاجة، ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم ما لديهم من خبرات ونصائح في المجال الذي يختصوا بها.
الإستخدام الأمثل للموارد المتاحة:
حيث يساهم العمل الخيري في تخفيض تكاليف الإنتاج، ويساعد على تحقيق زيادة الإنتاج، ومع تزايد الطَّلب على السلع والخدمات من قبَل أفراد المجتمع، وصعوبة الحصول عليها في بعض الأوقات، فإنه يصبح من الضروري الاعتماد على جهود المتطوعين؛ لتوفير بعض من هذه الاحتياجات.
تنمية الأسرة :
الأسرة هي عماد المجتمع وبترابطها وصلاحها يصلح المجتمع فالعناية بالأسرة من أهم الأساسيات في القيام بالعمل الخيري، فالعمل لمساعدة الأسرة الفقيرة يكون من خلال تأهيلها وتنميتها ومد يد العون لها بعناصر الإنتاج المحلية المتوفرة والمتاحة في محيط الأسرة وبيئتها وتطوير تلك العناصر وتحويلها إلى آلة إنتاج من خلال توفير الوسائل وأدوات الإنتاج القادرة على تحويل تلك الأسرة الفقيرة من أسرة محتاجة إلى أسرة منتجة قادرة على الإنتاج وإفادة المجتمع، كما من الممكن أن يساهموا في اقتصاد الدولة والمجتمع بشراء وبيع واستخدام بعض السلع والخدمات. ولابد من التأكيد على أن الأسرة تحتاج إلى التوجيه والإرشاد، بحيث تستطيع الأسرة التكيف وتطوير إمكانيتها وقدراتها في إدارة شؤونها الأسرية الخاصة كالعناية بالأفراد خاصة الأطفال من الناحية التربوية والتعليمية والصحية، وإدارة آلة الإنتاج التي تم توفيرها للأسرة وكيفية التصرف بالعائد وإنفاقه بالطريقة الصحيحة. والتشجيع على عمل مجموعة من البرامج والدورات التأهيلية والتدريبية الاجتماعية.
الإستفادة من الموارد البشرية :
من هنا يأتي دور العمل الخيري في التنمية بالاستفادة من الموارد البشرية، حيث يلعب العمل الخيري دوراً إيجابياً في إتاحة الفرصة لكافة أفراد المجتمع للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة في كل زمان ومكان ويساعد العمل الخيري على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه.
وفي النهاية إن الإنسان مخلوق مكرم ومكانته محترمة، والإسلام يهدف إلى مجتمع متراحم ومتعاون، ونشر المحبة والتسامح والعطف علي المحتاجين، ويزداد العمل الخيري أهمية في حماية المجتمع من انتقام المحرومين والمحتاجين وتربية الأفراد على البذل والعطاء ومشاركة الآخرين وتنمية العلاقات الأخوية التي تقوّي المجتمعات. وقد كان للأديان السماوية والمعتقدات الاجتماعية دور كبير في تنمية هذا الجانب أو إهماله. وقد ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية ما يؤكد على وجوب الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل. فالأعمال الخيرية هي سد الحاجة للمحتاجين وكفاية المؤونة وتخفيف الآلام وحفظ الكرامة وحماية المجتمع من شتى الانحرافات والجرائم والآفات.